باسم خندقجي: حوكم بثلاثة مؤبدات فانطلق من داخله شاعر وروائي


خالد جمعة

ولد باسم محمد صالح أديب الخندقجي، في الثاني والعشرين من كانون أول من العام 1983 في مدينة نابلس، وبدأ دراسته في مدرسة المعري الابتدائية، وحصل على الثانوية العامة من مدرسة الملك طلال والتحق بجامعة النجاح الوطنية دراسة خاصة قسم العلوم السياسية ثم حول إلى قسم الصحافة والإعلام.

 تأثر بالفكر اليساري حيث كان عمه عضوا ناشطا في الحزب الشيوعي وكانت الانتفاضة الأولى في أوجها، وأولع منذ طفولته بالقراءة، وكانت أول رواية قد قرأها وهو في العاشرة "نهاية رجل شجاع" للروائي السوري حنا مينا، وأجرى الشاعر سميح محسن لقاء صحفيا مع باسم لصالح جريدة الطليعة المقدسية في ذلك الوقت حول مفهوم الرواية.

 في مدرسة الملك طلال، أسس أول مجلة حائط تحت اسم مجلة الاتحاد، والتحق بصفوف حزب الشعب الفلسطيني "الشيوعي سابقا"، وكان عمره حين ذاك 15 عاما، ولم ينجح في امتحان الشهادة الثانوية فأكمل في مادة الرياضيات، وأعاد الامتحان ونجح وحصل على معدل 65.8%، ومعدله لم يؤهله أن يدخل الجامعة فباعت والدته مصوغاتها الذهبية من أجل تعليمه، بعد أن دخل إلى الدراسات الخاصة.

 بدأ باسم نشاطه داخل الجامعة وخارجها مدعوماً من الحزب ومؤسساته، فشارك في بعض المؤتمرات المحلية وفي العمل التطوعي المجتمعي والمخيمات الصيفية وورشات العمل من خلال بعض المؤسسات المجتمعية وشكل مجموعة الحماية الدولية لحماية الشعب الفلسطيني من أصدقاء من أوروبا، وانتخب نائباً لسكرتير كتلة اتحاد الطلبة التقدمية في جامعة النجاح وعضو محلية الجامعة وكانت آخر بصماته في جامعة النجاح معرض التراث.

 أثر مشهد الطفلة إيمان حجو ابنة الشهور الأربعة التي قتلتها قذيفة دبابة إسرائيلية في حضن والدتها في قطاع غزة، فشكل مجموعة طلائع اليساريين الأحرار.

اعتقل باسم بتاريخ الثاني من تشرين الثاني لعام 2004 على يد قوات الاحتلال بعد عملية سوق الكرمل في الأول من تشرين الثاني للعام نفسه، والتي نفذها الشهيد عامر عبدالله من كتائب الشهيد أبو على مصطفى، والتي أدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح 50 آخرين، واتهم باسم بأنه كان أحد أعضاء المجموعة التي خططت للعملية والتي اطلق عليها في حينها "وحدة اليساريين الأحرار".

 فوجئت العائلة ببيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يقول إن عملية سوق الكرمل لم تكن مقصودة وإنما المقصود كان مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب، فحكم على باسم في السابع من آب 2005 بالسجن لثلاثة مؤبدات.

 لم يعترف باسم بشرعية المحكمة، وقف أما قاضي المحكمة وقال: أنا أحد أبناء هذا الجيل الذي عاش في كنف الانتفاضة الأولى، وتوقفت أحلامه وطموحاته من النمو في الانتفاضة الثانية حين قتلت بأفكاركم الوحشية التي تتقن فن القتل وإراقة الدماء ذلك الإنسان البريء في داخلي حين رأيت بأم عيني الضحية التي تحولت إلى وحش، لقد قتلتم في داخلي ذلك الإنسان حين قام أحد جنودكم في بإفراغ مخزن بندقيته في جسد طفلة في غزة اسمها إيمان.

 اتجه باسم في السجن إلى الكتابة، وعمل على إنشاء مكتبات داخل السجون وكانت عائلته تزوده بأحدث الكتب التي تصدر في العالم العربي، وذلك لامتلاك عمه مكتبة ما زالت معروفة إلى الآن في مدينة نابلس، فكتب "مسودات عاشق وطن" وهي عبارة عن 10 مقالات تحكي عن الهم الفلسطيني، وكتب كذلك "وهكذا تحتضر الإنسانية"، وهي عبارة عن تجربة الأسير الفلسطيني داخل السجون وهمه اليومي، ودراسة عن المرأة الفلسطينية، وتكريما له قام بعض أصدقائه في فرنسا بترجمة أعماله إلى اللغة الفرنسية.

 أبلغ باسم والدته في إحدى زياراته أنه كان ينوي عدم الخروج للزيارة احتجاجا على ما تمارسه إدارة السجن من تحويله للاستجواب العسكري على ما يقوم بنشره من إصدارات أدبية ومقالات وابلغوه انه يتم متابعة ما ينشر له عبر النت والصحف باعتبار ذلك نوعا من أعمال التحريض، إلا أنه قام بالزيارة خوفا عليها وعلى والده، [والده توفي منذ شهور]، وقد قرر باسم انه في حال استمرت إدارة السجون بتهديد كتاباته فإنه سيعلن الإضراب عن الطعام احتجاجا على خنق صوته.

 يقول باسم: "الحياة ينبغي أن تفهم بالرجوع إلى الخلف، وأن تعاش بالاتجاه إلى الأمام، ولكنني لم أزل مع الأمل في دياجير الظلام أناشد الوطن بأن يلدني مرة أخرى، لدني من جرح يا وطني لا من وهم لدني، لدني كي أتمرد و أتجدد فالحلم لم يحن موعد نومه بعد".

تطورت قدرات باسم الأدبية فأصدر وهو في سجنه ديواني شعر هما: "طقوس المرَّة الأولى" الذي تمت طباعته في الدار العربية للعلوم "ناشرون"، ونال إعجاب الكثير من القرّاء، وقامت دار النشر بطباعته مرة أخرى، الديوان الثاني صدر أيضاً عن الدار العربية للعلوم ـ ناشرون، وحمل عنوان "أنفاس قصيدة ليلية" قدمه الشاعر والإعلامي زاهي وهبي، كما أصدر رواية عن نفس الدار حملت عنوان "مسك الكفاية".

تم عمل هذا الموقع بواسطة