الحركة الأسيرة الفلسطينية : تاريخ طويل وإنجازات وطنية عظيمة

لقد بدأت الحركة الأسيرة منذ أن دخل أول أسير فلسطيني إلى سجون العدو الاستعماري الذي دهم فلسطين وقدّمها عبر سياساته الاستعمارية إلى الصهاينة لينتهي الأمر بزرع كيان غاصب غير شرعي لهم في قلب فلسطين التاريخية، ففي عهد دولة الاستعمار التي انتدبت نفسها على فلسطين فتحت الكولونيالية الانجليزية السجون والمعتقلات للمناضلين الفلسطينيين وأقامت المحاكم وأصدرت الأحكام ضد المناضلين الفلسطينيين بما فيها أحكام الاعدام الجائرة ضدهم، وبقائمة مفتوحة من التهم شملت حتى الرأي والمنشور والكتابة الرافضة لما يحدث في الوطن فلسطين.
لقد ورث الكيان الصهيوني في هذا الجانب من بريطانيا المستعمرة كل حكاية الأسر في عهدها البغيض الغادر، فكما ورث السجون والمعتقلات ورث أيضا القوانين والأوامر التعسفية الظالمة بل حتى أنه ورث الأسرى الفلسطينيين أنفسهم (كما في حكاية الشيخ حسن اللاوي أقدم أسير فلسطيني في تاريخ القضية الفلسطينية والذي اعتقل في زمن بريطانيا وانتدابها ليخرج بعد قصة مثيرة قادت إلى كشف مصيره مجموعة من المصادفات في ثمانينيات القرن الماضي وهو الذي أمضى حوالي نصف قرن في سجون المستعمر فالمغتصب.)
المرحلة الأولى في حكاية الأسر الفلسطيني لم يتم تسجيلها بصورة كافية ولم تخضع للتثبيت رغم أهميتها الشديدة في تاريخ نضال وكفاح شعبنا وامتلاكه من خلال ذلك لو حدث أدلة ومواد قانونية ضد المستعمر الكولونيالي فالمغتصب الصهيوني وحليفه الامبريالي.
المرحلة الثانية ومنذ حدوث الاحتلال الصهيوني عقب نكبة حزيران في العام 1967 اختلفت عن ذلك الواقع ، لقد وجدنا أن المادة التي تسجل للحركة الأسيرة الفلسطينية بعد عام 1948 لجزء فلسطين السليب في النقب والجليل الفلسطيني والمثلث وباقي عموم الأرض السليبة هي أيضا مادة نادرة ومحدودة ، هذا فضلا عن عدم قيام عملية وطنية فلسطينية لتتبعها هناك، فبقيت على هامش المحاكم الصهيونية سواء العسكرية منها أو المدنية التي قامت عقب انتهاء الأحكام العسكرية لاحقا في فلسطين السليبة.
المرحلة الثالثة :
أما عقب العام 1967 فبفضل التسجيل والمتابعة على جانبي الخط الوهمي الصهيوني وما يدعوه بالخط الاخضر فقد اختلف الامر وبدا ووإن كانت بداية العملية لا زالت متواضعة، إلا أنها على الاقل تلافت الخطأ التاريخي الجسيم الذي سجّله غياب ذلك عن الفترة الاولى في حياة الحركة الاعتقالية الفلسطيتية وتعاظمت لاحقا بما اكتسيته من خبرات، وسجّلت الأسير الفلسطيني الأول محمود بكر حجازي أول أسير لحركة فتح في السجون الصهيونية حتى قبل العام 1967، ولا شك ان التأريخ والتجسيد هو أمر في غاية الأهمية ويكفي التدليل على إن اصرار العدو الصهيوني على استخدام التاريخ الذي يدّعيه في معتقلات النازي وتوظيفه في أغراض البروبوغاندا الاحتيالية يكفي للتدليل على أهمية توثيق وتسجيل مسيرة الحركة الاعتقالية الفلسطينية للمستقبل الوطني الفلسطيني عاملا ليس فقط في تثبيت ركائز الرواية الفلسطينية التاريخية بل وبما يتيحه ذلك من أدوات لتحصيل الحق الفلسطيني الذي لن يطول الوقت قبل الحصول عليه كاملا غير منقوص.

مراحل وسمات

تميزت الحركة الأسيرة في السنوات الأولى لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، بالتركيز على البعد التوعوي والتربوي؛ الأمر الذي أسهم في صقل الطاقات وتهذيبها، بشكل أتاح الفرصة لبناء الكادر القادر على القيادة وتحمل المسؤوليات، في ظل ظروف اعتقالية قاسية، كان طابعها العام المواجهة الدائمة والمستمرة مع إدارة السجون، وهذا بطبيعة الحال كان له استحقاقات سددها أسرانا الأبطال بالمعاناة والتحدي لأبشع قوة احتلالية إحلالية، حتى أرسوا دعائم وأسس الحركة الفلسطينية الأسيرة، في ظل غياب الإعلام القادر على رفع صوت الحركة الأسيرة في وجه الغطرسة الصهيونية. ولم يكن هذا التطور في واقع هذه الحركة بلا ثمن، بل كان ثمنه عشرات الشهداء… كان ثمنه تعرض الأسرى الأبطال لشتى الإجراءات القمعية كالعزل والحرمان والمحاكمات الإضافية، التي لم تثن الحركة الأسيرة عن مواصلة المسيرة بعزيمةٍ لا تلين. للأجيال الفلسطينية القادمة أن تفخر بهذه التجربة الرائدة، والتي أثمرت كوادر شكلت قيادات خرجت إلى ميدان المواجهة بعد عملية تبادل الأسرى، فانصهرت مع أبناء هذا الشعب في ميدان المواجهة المستمرة والمباشرة مع الاحتلال. ولما بزغ فجر الانتفاضة الأولى (1987-1994)، تقدمها أبناء الحركة الأسيرة من مختلف التنظيمات، وظهرت الحنكة في الأداء، فأظهرت القيادة انضباطية عالية تجاوزت كل اشكاليات الحركة الوطنية، بعيداً عن الحساسيات اللامسؤولة، وفي كافة المواقع . إن الحديث عن الحركة الأسيرة، يدفع دائماً باتجاه ربط مسيرة هذه الحركة، سواء في زمن المواجهة المفتوحة مع الاحتلال، أو في زمن تراجع بعض القوى عن المواجهة؛ لأن الحركة الأسيرة ،حتى في ظل ما يسمى بالسلام، اشتد عودها وتعمقت تجاربها؛ لأن حالة القمع الاحتلالي لشرائح عدة في مجتمعنا بقيت مستمرة، وإن أخذت أشكالاً متعددة، وهذا ما كنا نلمسه فعلاً، حيث استمر زج المناضلين في المعتقلات، واستمرت عمليات القمع تمارس ضد أبناء شعبنا عامةً، وأبناء الحركة الأسيرة خاصةً؛ الأمر الذي حتم على المنظمات والمؤسسات الحقوقية خاصةً- أن ترعى شؤون الأسرى، وأن تبقى في حالة اتصال وتواصل معهم بغض النظر عن الظرف السياسي المعاش، وعن إفرازاته المتعددة. ويرى المهتمون بتأريخ ومتابعة الحركة الاعتقالية الأسيرة الفلسطينية أنها قد مرّت فيما بعد الاحتلال الحزيراني للضفة وغزة والقدس عام 1967 بخمسة مراحل لكل منها سماتها البارزة وذلك على النحو التالي:
المرحلة الأولى تمتد ما بين عامي 1967 و1971:
وهي مرحلة قاسية جدًا وصعبة أيضا وتميزت بقلة التجربة حيث لم يكن هناك موروث نضالي وتجربة يعتمدها الأسرى، كما كانت تلك الفترة هي الأصعب من ناحية ظروف الاعتقال حيث كان يتم احتجاز الأسرى في ظروف صعبة ولا إنسانية تشمل الإهانات والضرب ومحاولات الإذلال، محاولين بذلك كسر روح المقاتل في نفس المقاوم الفلسطيني، لقد كان ممنوعًا على الأسرى الفلسطينيين الحصول على الأوراق أو الأقلام أو الكتب، فكانوا يستخدمون أوراق السجائر ليتراسلوا فيما بينهم بواسطتها وينظموا أمورهم. ورغم ذلك واجهت الحركة الأسيرة صعوبات في تنظيم نفسها في هذه الفترة، حيث كان الأسرى يقسمون أنفسهم على أسس جغرافية، أو بحسب الانتماء لمجموعة عسكرية بعينها، إلا أن ذلك لم يحول دون تنظيم أنفسهم في نهاية هذه الفترة. وقد قامت الحركة الأسيرة بإضرابها الأول في سجن «كفار يونا»، في نهاية الستينيات، ثم إضراب آخر في بداية السبعينيات، في سجن عسقلان، سقط فيه الأسير عبد القادر أبو الفحم شهيدًا، ثم إضراب سجن نفحة الذي سقط فيه 3 شهداء هم: علي الجعفري وراسم حلاوة وإسحاق مراغا.
المرحلة الثانية التي امتدت بين عامي 1971 و1980:
تمكن الأسرى من خلال نضالهم في تحقيق عدد من المكاسب ، حيث انتزاعت الحركة الأسيرة عددًا من الحقوق وتم تحسين ظروف الحياة داخل المعتقل مثل توفير الكتب والصحف وأدوات الكتابة، وتحسين كمية ونوعية الطعام، بالإضافة إلى تنظيم الحركة لنفسها، في أطر تنظيمية تابعة لمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، كما شكلت الحركة الأسيرة اللجنة الوطنية كهيئة عليا للأسرى داخل السجون، وفرضت على إدارة السجن الاعتراف بها والتعامل معها.
المرحلة الثالثة والممتدة بين عامي 1980 و1993:
تمكن الأسرى فيها من تطوير أنفسهم وحولوا السجون بشكل فعلي إلى مدارس ثورية خرجت المئات من المناضلين المصقولين ثوريًا إلى درجة أن مخابرات الاحتلال عزت نشوب الانتفاضة الأولى إلى الكادر النضالي الذي خرجته الحركة الوطنية الأسيرة وهو تقدير له وجاهة، وحتى بداية عام 1988 شملت الحركة الوطنية الأسيرة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فقط وبعد ذلك بدأ يتزايد تواجد حماس والجهاد الإسلامي في السجون، ومن أهم محطات هذه المرحلة كان الإضراب عن الطعام سنة 1992 والذي تميز بأنه الإضراب الأول الذي تتوحد السجون في إضراب مشترك مع اختيار التوقيت السياسي المناسب وهو توقيت صادف عودة شامير من مؤتمر مدريد وانتظاره لدخول الانتخابات الصهيونية مع ضغط الامبريالي عليه ليخفّف من شدة استهدافه، وقد نجح هذا الإضراب في إغلاق قسم العزل الذي تميز بانعدام الإنسانية، وتمديد مدة الزيارة من 30 دقيقة إلى 45 دقيقة مرة بالأسبوعين، السماح للأطفال بمعانقة آبائهم في الـ10 دقائق الأخيرة من الزيارة، وإدخال مراوح إلى الغرف، و تمديد فترة التواجد في ساحة القسم إلى 4 ساعات، وأمور حياتية أخرى.
المرحلة الرابعة من 1993 إلى 2000 :
وقد تميزت بالتأثر سلبًا من اتفاقيات أوسلو، وضغطت ظروف هذه المرحلة على الحركة الأسيرة، وبدلا من أن تكون أهم اشتراطات موقعي أوسلو هو إطلاق كافة الأسرى وتحريرهم ، اكتفت الاتفاقيات بوضع الحركة الأسيرة تحت رحمة ما يتبع ذلك من مفاوضات دعيت باسم مفاوضات الحل النهائي بما فيها القدس ووضع الاستيطان وحق العودة وغيرها، وفي هذه المرحلة ضعفت التنظيمات داخل السجون وترهلت بنيتها التنظيمية وسادت بين الأسرى حالة الترقب وانتظار التحرر وغلب لديهم الهم الشخصي والفردي على حساب الهم العام، الأمر الذي انعكس سلبًا على كل جوانب الحياة في معظم الشواهد والمواقع.
ما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية و 2000، وفي هذه المرحلة بدأ عدد الأسرى في التزايد مرة أخرى داخل السجون “الإسرائيلية”، حيث اعتقلت قوات الاحتلال الآلاف ورغم إن إدارة السجون الصهيونية حاولت ان تستغل حالة الانقسام في الخارج وتعكسه على صفوف الحركة الأسيرة إلا أنها فشلت، بل إن الحركةالأسيرة هي التي قامت بانتاج وثيقة اللقاء والمصالحة الوطنية وقدّمتها للحركة الوطنية مخرجا من حالة الاستقطاب الناتجة عن النزاع من حول سلطة أقيمت تحت الاحتلال، وقد نكلت ادارة السجون الصهيونية بالأسرى وسحبت العديد من الإنجازات التي تم تحقيقها في الإضرابات السابقة، وشهدت هذه الفترة تصعيد ما سمي بسياسة الاهمال الطبي الذي أدى إلى استشهاد عدد من الأسرى المرضى كان آخرهم الشهيد اللواء الأسير ميسرة أبو حمدية.
أساليب ونضالات
حسب إحصائيات وزارة الاسرى فقد قدر عدد حالات الاعتقال ما بين عامي 1967- 1987 بـ (535000) أسير فلسطيني، بمعدل 27 ألف حالة أسر سنوياً، في حين يقدر عدد الفلسطينيين الذين تم أسرهم منذ بداية الانتفاضة الأولى في 8/12/1987  وحتى نهاية عام 1994 بحوالي 275 ألف مواطن فلسطيني، فيكاد لا يكون هناك بيت فلسطيني إلا واعتقل أحد أبنائه. ويمكن القول: إن السنوات الأولى من التجربة الاعتقالية قد حفرت علامات دامغة في أذهان وعلى أجساد المعتقلين؛ لأنها كانت مسرحاً مفتوحاً يمارس على خشبته كل أنواع التعذيب الجسدي والنفسي؛ فقد كان استخدام العنف والاعتداء على الأسرى والأسيرات منذ بداية الاعتقال بمثابة قانون روتيني يتعرض له الأسرى وبأشكال مختلفة، ونورد هنا عدداً من الإحصاءات تظهر عدد الأسرى وفئاتهم على :الشكل الآتي: 1 – القدس 49 2 – الضفة الغربية 139 3 – قطاع غزة 136 4 – فلسطينيي الداخل (الـ 48) 21 5 – الأسرى العرب سوريا 4 لبنان 1 المجموع الكلي 350
لم يقتصر الأمر على الاعتداء الجسدي، فأساليب الإذلال التي نفذها السجانون كانت أشد وقعاً من الاعتداء؛ بهدف كسر روح السجين، وتحطيم نفسيته وتحويله مجرد عبد لا قيمة له، وعلى سبيل المثال كان الأسرى يجبرون على مخاطبة السجان بكلمة (سيدي)، ويمنعون من إطلاق شعر الرأس والشارب، ويجبرون على حلاقة ذقونهم مرتين أسبوعياً بشفرة حلاقة واحدة، توزع على خمسة أسرى. إضافة إلى الإذلال المتبع في طريقة استحمام الأسرى بإجبارهم على الخروج عراة من غرفهم إلى حمام خارجي، وإلزامهم إحناء الرأس أثناء قيام شرطة السجن بإجراء العدّ اليومي، وشملت سياسة الإذلال إخراج الأسرى في ساحة الفورة (النزهة) والأيدي متشابكة، منتصف الظهيرة، والجلوس قرفصاء في الساحة. لا ينسى الأسرى الأوائل أبداً ما أطلقوا عليه (أسطورة البرش المقدس)، والتي تتمثل بإجبار الأسير على ترتيب الأربع بطانيات التي يملكها بشكل معين منذ الصباح حتى المساء ويمنع الاقتراب منها وإلا سيناله العقاب.لقد أجبر الأسرى على العمل في مرافق الإنتاج “الإسرائيلي”، التي تعود عائداتها لصالح المؤسسات العسكرية والاقتصادية في “إسرائيل” مقابل أجرٍ زهيد. كما حوصر الأسرى ثقافياً: بمنعهم من الحصول على القلم والدفتر والكتاب، وإجبارهم على سماع الإذاعة “الإسرائيلية” في أوقات محددة، ولم يسمح لهم بقراءة الصحف سوى صحيفة الأنباء التي تصدرها أجهزة المخابرات “الإسرائيلية”، وكان الأسير الذي يتم ضبط قلم أو ورقة معه يعاقب في زنزانة انفرادية، وكان أشدّ الأساليب خطورة هي سياسة الإفراغ الثقافي والفكري، من خلال ترويج كتب ثقافية فارغة المضمون داخل السجون. وواجه الأسرى سياسة الإهمال الطبي، وكانت حبة الأكامول هي العلاج السحري لكل الأمراض، وقد استشهد العديد من الأسرى بسبب عدم وجود عناية طبية، وحمل الكثير من الأسرى المحررين أمراضاً مزمنة معهم، واستشهدوا بسببها بعد الإفراج. ولعب الجهاز الطبي لمصلحة السجون دوراً قمعياً واستخبارياً مستغلاً حاجة الأسرى للعلاج لمساومتهم على شرفهم الوطني، إضافة إلى مساهمته في قتل عدد من الأسرى، كما حصل مع الشهيدين علي الجعفري، وراسم حلاوة؛ إثر اضراب سجن نفحة عام 1980، وقد كشفت الصحافة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، عن ألف تجربة طبية قامت بها حكومة العدو وبشكل سري على المعتقلين الفلسطينيين في السجون. وواجه الأسرى سياسة العزل بأشكال عديدة، والتي تقوم على عزل النشطاء من الأسرى، وما تطلق عليه إدارة السجون (ذوي الرؤوس الحامية). وكانت سياسة تعذيب المعتقلين سياسة ممنهجة وثابتة، بأساليب محرمة دولياً، حيث تعرض المعتقلون لمعاملة قاسية وعنيفة على يد المحققين “الإسرائيليين”، وامتلأت تقارير منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بشهادات مشفوعة بالقسم، عن حالات تعذيب وحشية تعرض لها الأسرى والأسيرات على أيدي المخابرات “الإسرائيلية.”.. وأصبح التعذيب قانوناً مشرعاً لدى حكومة العدو، وفق تقرير لجنة “لنداو” عام 1978، والتي أجازت استخدام الضغط الجسدي والنفسي مع المعتقلين.. ولم تراع حكومة“إسرائيل” القوانين الدولية، واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، التي تحرم التعذيب وتعتبره جريمة حرب. لقد استشهد المئات من الأسرى الفلسطينيين في أقبية التحقيق؛ بسبب استخدام وسائل التعذيب العنيفة، وكل ذلك كان يجري تحت غطاء القانون، بذريعة (محاربة الارهاب).إن الظروف القاهرة والحياة اللاإنسانية، التي عاشها المعتقلون داخل السجون في ظل شروط حياة بائسة وضغوطات وإجراءات مشددة، دفعتهم إلى الاصطفاف لبناء وجودهم الجماعي والتنظيمي، والدفاع عن حقوقهم، ورفض سياسة اذلالهم واستعبادهم. فبدأ الأسرى ببناء المؤسسة الاعتقالية، ولعب عدد من أصحاب التجربة التنظيمية دوراً في وضع اللبنات الأولى، لبناء الجسم الاعتقالي، حيث تم القضاء على كل مظاهر التحلل والانفلات في صفوف الأسرى، ووضع البرامج التنظيمية والفكرية والتعبوية؛ لمواجهة التحديات القائمة في السجون، فبنيت الأطر السياسية داخل السجون على قاعدة الالتزام والوحدة ومحاربة كل أشكال القهر والإذلال، وتطلب ذلك جهداً كبيراً وعملاً دؤوباً، حتى استطاع المعتقلون ومن خلال خطوات نضالية واضرابات امتناعية وعصيان أوامر وإجراءات إدارة السجون من الحصول على جزء مهم من حقوقهم الإنسانية والمعيشية.
الاضرابات والمواجهة
أكثر من خمسة عشر إضراباً مفتوحاً عن الطعام خاضتها الحركة الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي على مدى نحو 45 عاماً من عمرها، الذي تعود بدايته الفعلية إلى عام 1967. القرار بخوض «إضراب استراتيجي»، كما يسميه الأسرى تمييزاً له عن الإضرابات الجزئية التي يخوضونها طوال الوقت، اتخذ عن سابق وعي بحجم المعاناة والخطر اللذين ينتظران المشاركين فيه، إلا أنه في الوقت نفسه قرار الضرورة التي تفرضها معاناة من نوع آخر يعيشها الأسرى على قاعدة يومية ومتراكمة. ويمكن القول أن اضراب سجن عسقلان التاريخي عن الطعام في 11/12/1976م، الذي استمرّ 45 يوماً يعتبر نقلة نوعية في مسيرة الاعتقال نحو تحسين شروط الحياة في المعتقلات، ومظهراً من مظاهر نضوج التجربة، وترسيخ المؤسسة الاعتقالية القائدة في السجون، وقد اعتبر الإضراب ملحمة جماعية، وضعت حجر الأساس للنضال الاعتقالي الشامل، المبني على أسس تنظيمية راسخة، ولأول مرة يرافق هذا الاضراب تفاعل شعبي جماهيري خارجي مناصر لمطالب الأسرى. واعتبر اضراب سجني نفحة في 21/7/1980م وسجن جنيد في نابلس 23/9/1984م المفتوح عن الطعام، نقطة تحول جذري في حياة الحركة الأسيرة، حيث بدأت مرحلة تحقيق المنجزات والحقوق الإنسانية للأسرى؛ إذ رافق هذين الإضرابين تفاعل شعبي وجماهيري خارجي مساند لمطالب المعتقلين، إضافة إلى مشاركة ومساندة، بالاضراب في كافة السجون الأخرى… وفي هذين الاضرابين تم تركيب الأسرّة للمعتقلين، بدلاً من فرشات الأسفنج الركيكة، وإدخال أجهزة الراديو، وإنهاء سياسة الاعتداء على الأسرى وإذلالهم، وتحسين الطعام وتغيير نظام الزيارة، ليصبح مرة كل أسبوعين بدلاً من كل شهر، والسماح بالحركة داخل السجن بالتزاور بين الغرف والأقسام، وإنهاء الازدحام في الغرف، وإدخال الملابس، وتحسين التهوية، والإنارة، وغيرها. لقد أعاد هذين الإضرابين الهيبة للحركة الأسيرة، وأدى إلى الاعتراف بشرعية المؤسسة الاعتقالية، فلأول مرة يقوم وزير الشرطة حاييم برليف بالمفاوضات مع اللجنة القيادية في سجن جنيد، خلال اضراب عام 1984. نود أن نشير أن احتمال نكوص وتراجع إدارة السجون، عما وافقت عليه من مطالب للأسرى- وارد دوماً، حيث تتحين الفرص لشن هجوم مضاد على منجزات المعتقلين، مما قد يؤدي إلى تراجع شروط الحياة، كما جرى بعد صفقة تبادل الأسرى عام 1985، حيث استغلت إدارة السجون الإسرائيلية الفراغ الذي أحدثه الإفراج عن عدد من الأسرى، وتراجعت عن وعودها، وبدأت بحملة من القمع، وفرض الإجراءات الخانقة والمذلة على الحركة الأسيرة، لتصبح الحركة الأسيرة في موقف الدفاع عن منجزاتها التي حققتها بالتضحيات الغالية… مما اضطر الأسرى لفتح اضراب عن الطعام في 25/3/1987م استمر 20 يوماً لحماية حقوقهم ومنجزاتهم. مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في 8/12/1987 وما تخلله من عمليات اعتقال واسعة وإقامة سجون عسكرية لاستيعاب الأعداد الجمة من المعتقلين كان واضحاً أن هناك مخططاً لضرب الحركة الأسيرة، وتقويض منجزاتها، وذلك بتنصل إدارة السجون من وعودها التي قطعتها على نفسها بتحسين ظروف الحياة داخل السجون ووقف تصعيد إجراءاتها التعسفية تجاه الأسرى… وكان من أبرز هذه الإجراءات، افتتاح قسم العزل في سجن الرملة الذي يطلق عليه (نيتسان)، وأقسام عزل في بئر السبع وعسقلان؛ حيث تم نقل عدد كبير من المعتقلين إلى هذه السجون ذات الظروف القاسية جداً، إضافة إلى قيام إدارة السجون بإصدار تعليمات بمنع الاحتفالات في المناسبات الوطنية، وتصاعد الاعتداء على المعتقلين بالرش بالغاز المسيل للدموع، والإهمال الطبي للمرضى والجرحى، وتقليص كميات الطعام، وإجبار الأسرى على الوقوف أثناء العدِّ اليومي وغير ذلك من المضايقات. وأمام كل هذا أعلن الأسرى في 27/9/1992م الاضراب المفتوح عن الطعام، والذي شمل ،لأول مرة، كافة السجون واعتبر هذا الإضراب الذي استمر 15 يوماً، من أكثر المواجهات تنظيماً ودقة واتساعاً في تاريخ الحركة الأسيرة حتى ذلك الوقت، حيث شارك فيه 16 سجناً. وبهذه الشمولية والوحدة الجماعية ضرب الأسرى المثل الأعلى في وحدة المعركة والقرار والإرادة، وتقاسموا آلام الجوع؛ لتمهيد طريق تحسين ظروفهم وانتزاع حقوقهم والدفاع عن كرامتهم. وتحول الاضراب إلى انتفاضة عارمة في الوطن المحتل الذي شهد المظاهرات والمسيرات التضامنية مع المعتقلين، إضافة إلى التغطية الإعلامية الواسعة، التي صاحبت هذه المعركة. أما في تكتيك تنفيذ الاضراب فانسجاماً مع واقعهم التنظيمي، تعمدت قيادات الأسرى لدى اتخاذ قرار مبدئي بالإضراب المفتوح عن الطعام إلى تعيين لجنة خاصة تكون مسؤولة عن الإعداد للإضراب وتحديد المطالب وجدولتها بناءً على معايير أهمية متفق عليها. كما تعمد هذه اللجنة، التي يطلق عليها اسم «اللجنة النضالية»، إلى تحديد الأسقف الضمنية التي لا ينبغي التنازل عنها أو فك الإضراب دون تحقيقها. وبعد إعلان الإضراب، تكون هذه اللجنة مسؤولة عن قيادته والتفاوض مع إدارة مصلحة السجون باسم الأسرى، على أن يناط بها الصلاحية الحصرية للإعلان عن إنهاء الإضراب. ويدرك من خاض تجربة الإضراب المفتوح عن الطعام أن اتخاذ القرار بخوضها لا يمكن إلا أن يكون ذا طابع استشهادي، برغم آليات الرقابة الصحية التي يُخضع الأسرى أنفسهم لها، وهي آليات تقوم على ضوابط سلوكية دقيقة يُطلب من الأسرى مراعاتها خلال إضرابهم حفاظاً على سلامتهم الصحية لأطول فترة ممكنة. وأهم هذه الضوابط الحرص على تناول جرعات دورية من الملح للحؤول دون حصول تعفن في المعدة وانخفاض ضغط الدم إلى مستويات خطيرة، وكذلك الإكثار من شرب الماء حتى تبقى نسبة السوائل في الجسم بمستواها المقبول. ولا يقل أهمية عن ذلك الإقلال من الحركة للاحتفاظ بالاحتياطي من السعرات الحرارية داخل الجسم، وتجنب القيام بنقلات حركية سريعة تؤدي إلى الإصابة بالدوار وفقدان التوازن. بيد أن هذه الإجراءات جميعها، لا تقي المضرب عن الطعام معاناة التعايش مع رائحة العفن التي تنبعث من معدته عبر فمه ابتداء من اليوم الخامس للإضراب، ومكابدة آلام حادة في المفاصل، يرافقها شعور متنامٍ بالوهن وتلاشي الإحساس بالجوع مع انطباق المعدة على نفسها. ومع مرور الوقت، تبدأ أعراض أخرى بالظهور، مثل حصول هبوط حاد في الوزن بعد انتهاء الأسبوع الأول، ومشارفة مخزونات الجليكوجين الموجودة داخل الكبد والعضلات على النفاد ابتداء من نهاية الأسبوع الثاني. ووفقاً لمعاينات طبية، فإن المضربين عن الطعام يدخلون في أسبوعهم الخامس مرحلة جديدة من الخطورة تتمثل بحصول شلل متطور في عضلات العينين تتضرر بنتيجته الرؤية وينشأ إحساس حاد بالزوغان مع بدء الشعور بصعوبة في ابتلاع الماء. وفي الأيام التالية، يبدأ تدخل الحواس في حالة من التبلد والوهن الشديد تمهيداً لتلاشيها بالتدريج، وصولاً إلى فقدانها شبه التام. بعد ذلك تنشأ حالات من النزف الداخلي ويبدأ النزاع مع الموت.
عمليات التبادل
واضح أن عمليات الاطلاق الأسرى وفق مفعول اتفاقية أوسلو مثلا لا تشكّل نسبة تزيد عن 5% من عمليات اطلاق الاسرى الذين تكفّلت فقط عمليات المقاومة وأسر الجنود وما تبعها من تبادل بإطلاق نسبة ال95% الباقية منهم ومن ابرز عمليات الافراج عن أبطال الحركة الأسيرة هذه العمليات:
اذار (مارس) 1974: مبادلة 65 مناضلا بإسرائيليين كانا معتقلين في مصر بتهمة التجسس.
14 اذار (مارس) 1979: اسرائيل تفرج عن 76 مقاتلا فلسطينيا مقابل عسكري اسرائيلي اسر في لبنان في نيسان (ابريل) 1978.

23تشرين الثاني (نوفمبر) 1983: اسرائيل تفرج عن 4600 فلسطيني وتستعيد ستة من جنودها الذين احتجزوا قبل سنة لدى منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.
20 ايار (مايو) 1985: اسرائيل تفرج عن 1150 اسيرا فلسطينيا مقابل ثلاثة جنود اسرائيليين اسرتهم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة عام 1982.
1 تشرين الاول (اكتوبر) 1997: اسرائيل تفرج عن المرشد الروحي لحركة “حماس” الشيخ احمد ياسين الذي كان معتقلا منذ اكثر من ثماني سنوات وكذلك عن عشرات الاسرى السياسيين الفلسطينيين والاردنيين مقابل عميلي استخبارات كانا اعتقلا في عمان بعد محاولة اغتيال مدير المكتب السياسي لـ“حماس”. واغتالت اسرائيل الشيخ احمد ياسين في اذار (مارس) من 2004.
6 اب (اغسطس) 2003: اسرائيل تفرج عن 341 معتقلا فلسطينيا غالبيتهم مرتبطين بحركة “فتح”.
29 كانون الثاني (يناير) 2004: اسرائيل تفرج عن 431 اسيرا بينهم 400 فلسطيني و23 لبنانيا خلال صفقة تبادل مع حزب الله الشيعي اللبناني الذي اعاد جثامين ثلاثة جنود اسرائيليين وافرج عن الحنان تننباوم رجل الاعمال والكولونيل الاحتياطي الذي كان يحتجزه منذ العام الفين.
27 كانون الاول (ديسمبر): اسرائيل تفرج عن 159 اسيرا فلسطينيا ينتمون بغالبيتهم الى “فتح”.
21 شباط (فبراير) 2005: الافراج عن 500 معتقل فلسطيني. 2 حزيران (يونيو): اسرائيل تفرج عن 400 فلسطيني غالبيتهم من “حماس” و“فتح”.
20 تموز (يوليو) 2007: اسرائيل تفرج عن اكثر من 250 اسيرا فلسطينيا غالبيتهم من “فتح”.
3 كانون الاول (ديسمبر)2087: اسرائيل تفرج عن 429 اسيرا فلسطينيا.
25 اب (اغسطس) 2008: اسرائيل تفرج عن 198 معتقلا فلسطينيا بينهم اثنان ادينا بالضلوع في هجمات دامية: اقدم اسير فلسطيني لدى اسرائيل سعيد العتبة الذي كان يقضي منذ 1977 عقوبة بالسجن المؤبد ومحمود ابراهيم ابو علي الذي كان مسجونا منذ حوالى 30 عاما. وكانت تلك المرة الاولى التي تفرج فيها اسرائيل عن فلسطينيين محكومين بمثل هذه التهم بدون ان يكون الافراج عنهم تم في اطار مبادلة.
15 كانون الاول (ديسمبر): اسرائيل تفرج عن 227 اسيرا فلسطينيا غالبيتهم من فتح وليس بينهم اي عنصر من حماس.
2 تشرين الاول (اكتوبر) 2009: الافراج عن 20 فلسطينيا مقابل شريط فيديو سجل حديثا للجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي احتجزته مجموعة كوماندوس فلسطينية في حزيران (يونيو) 2006 على تخوم قطاع غزة.
11 تشرين الاول (اكتوبر) 2011: اسرائيل و“حماس” تكشفان عن اتفاق تم بوساطة مصرية لمبادلة جلعاد شاليط ب 1027 اسيرا فلسطينيا.
18 تشرين الاول (اكتوبر): الافراج عن الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت مقابل مئات الاسرى الفلسطينيين، على ان يتم اطلاق مجموعة ثانية من 550 اسيرا فلسطينيا بعد شهرين.
الأسير الفلسطيني ليس كغيره
في مداخلة قيّمة حول “الأسرى في وعي المثقف الفلسطيني” كتب الكاتب الفلسطيني عبدالرحمن شهاب حول اختلاف الاسير الفلسطيني عن اي معتقل في الدنيا متألما من حال قيام “بعض المؤسسات والشخصيات ذات الحضور الاجتماعي والسياسي، اما بوعي او بدون وعي، بأن تلبس الأسير الفلسطيني ثوبا غير ثوبه ، لتستورد ابحاثا ودراسات تعنى بالأمراض النفسية والتخلفات البيئية والسلوكية والتي وضعت لعلاج وتأهيل سجناء جنائيين في الدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية ليجري اسقاطها على الأسير الفلسطيني” ، وقد في ندوة خصصت حول الأسرى مؤخرا ذلك بالقول أن اوضح لماذا لا تصلح الابحاث والدراسات الاجنبية لإسقاطها على ظاهرتنا الحركة الاسيرة الفلسطينية وهي لوجود الحقائق التالية : أولا: من حيث نظرة السجين الى نفسه: فالاسرى الفلسطينيون لا يعيشون هذا الصراع الذي يتحدثون عنه كسبب للأمراض النفسية وهو ما يعرف بالتناقض بين “الانا الفردية والاناوية الجماعية”. ثانيا: من حيث نظرة المجتمع الى السجين : فالأسرى في نظر المجتمع الفلسطيني يمثلون القانون الذي يتطلعون اليه ويمثلون الشهيد المحسوس ولذلك فهم طبقة مكرمة في مجتمعه أي الطبقة الثانية بعد الشهداء ثالثا: من الناحية الاقتصادية: ان عائلات الاسرى الفلسطينيين لا تعاني الضيم ولا الفقر كونها عائلة أسير رابعا: علاقة السجين بالانحراف : الأسرى الفلسطينيون لم يقوموا بما قاموا به نتيجة دوافع انتقام شخصي فهم المعتدى عليه، السجان هو المعتدي خامسا: الكبت النفسي: حياة السجين الفلسطيني في السجن حياة منظمة وجماعية، وليست حياة فردية، أي ان السجان لا يتعامل مع كل فرد على انفراد “. وهذا الأمر لا يحصل لدى الأسرى الفلسطينيين لأسباب كثيرة أهمها: 1- الحياة في السجن جماعية، والإنجازات توزع بالتساوي على الجميع، والأعباء والنقص يتقاسمه الجميع ، ولذلك فإن الفرد لا يعيش التجربة الإجتماعية القاسية بمفرده . 2-الحياة الجماعية لا تسمح بالإعتداء على فرد، وإن حصل هذا، فإنه يكون الإستثناء في الزنازين أو العزل وفي أغلب الأحيان يستطيع الفرد تفادي ذلك بسحب المبررات من السجان 3-يعرف السجان الذي يعتدي أن الأسرى لا ينسون له ذلك بشكل جماعي ولازمان طويلة وغالبا يتم رد الاعتداء بشكل جماعي 4-أي أسير يتعرض للإعتداء يشعر دائما بأن إخوانه الأسرى يحتضونه وكذلك شعبه، ويتحدث عن ذلك الاعتداء لاخوانه الأسرى دون شعور بالذل، ويخرج ذلك من صدره في جميع أحاديثه، فهي ليست مدفونة في اللاوعي تحركه دون وعي .
ليس لهذا ناضلنا
مرت  الحركة الاسيرة منذ الخمس الأخيرة في مرحلة مختلفة وخطيرة فهي وفيما بعد بعد العودة للمفاوضات من جديد وبالتنازل عن شروط وقف الاستيطان واطلاق الاسرى أصبحت كأنها في مرحلة استفراد صهيوني بها، إذ عندما يبدأ الأسرى اضراباتهم وأحيانا الفردية وذلك احتجاجا على تردي الاوضاع لدرجة قيام سلطات السجون بالاقتحامات والمصادرات والتفتيش العاري والعزل والقتل الطبي كما تم تسجيله مؤخرا وفي الوقت الذي يبدأ فيه الاسرى بتلمس طريقة استخدام العدو للحركة الاسيرة ضمن ادوات الابتزاز التي تمارسها في العابها السياسية الداخلية دون رد واضح وصريح في وضع حد لكل هذه الصورة القاتمة، فإن الواقع يقول أن الحركة الأسيرة بدأت على طريق اكتشاف نقص خطير في قدرتها على ان تكون كما كانت دوما تقوم به وليس ذلك لاسباب ذاتية لديها بقدر ما هو لاسباب كلها خارجها في الشارع بعضها وفي المؤسسات الاعم الاغلب، وإن انطلاق عبارة مثل “ما لهذا ناضلنا” على السنة كثير من الاسرى المحررين هي علامة فارقة وخطيرة يجب ويجدر التوقف عندها مطولا ومحاولة تغيير الواقع وجعل الاسباب التي تتغذى على رصيد وصمود الحركة الاسيرة تقل ما أمكن بل أن يتم سحقها نهائيا لأن الحركة الاسيرة مثلها مثل الحركة الاستشهادية هما قلعتا الصمود والوجود والبقاء الفلسطيني وعلى كل الاطراف افرادا ومؤسسات وتنظيمات وجماهير ان تقف كل منها عند مسؤوليتها ودورها والواجب الملقى على عاتقها في هذا الطريق.



عمل للفنان منذر الجوابرة.

_________

*المصدر: وزارة الأسرى والمحررين

http://mod.gov.ps/wordpress/?p=533


تم عمل هذا الموقع بواسطة